نبذة في شمائله وأخلاقه
الشريفة صلى الله عليه وسلم
هانحن قد أوقفناك على خلاصة
وافية من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، تعرف منها كيف كان يجاهد في إبلاغ دعوة
ربه، وكم قاسى من الشدائد والمصاعب في سبيل إرشاد الخلق إلى طريق الحق.
ولنسرد لك جملة وجيزة من
شمائله الشريفة وأخلاقه الكريمة وآدابه الحميدة، راجين أن يوفقنا الله تعالى وإياك
للتخلق بهذه الأخلاق الكريمة ، والتأدب بتلك الآداب الفاضلة.
قد جمع الله تعالى لنبيه
وحبيبه محمد صلى الله عليه وسلم بين محاسن الخَلْق والخُلُق، ومنحه سبحانه وتعالى
من هذه وتلك أكملها وأعدلها، فكان جميل الصورة، متناسب الأعضاء، نظيف
الجسم ، طيب الرائحة ، منزها عن الأقذار
والعيوب ، معتدل الحركات ، حسن الشمائل ،مقتصراً من ضروريات الحياة كالأكل والنوم
على قدر الحاجة ، وكان وافر العقل، ذكىّ اللب، قوى الحواس ، فصيح اللسان ، بليغ
القول ، حليماً عفواًّ، صبوراً على ما يكره، لا يغضب إلا لله ولا ينتصر لنفسه، ولم
يضرب بيده شيئاً إلا أن يجاهد في سبيل الله فلم يضرب غلاماً ولا امرأة.
وكان شجاعاً ذا نجدة وفتوّة،
لا يهاب أحداً، ولا يفر حيث تفر الأبطال، وكان جواداً كريماً سمحاً
سخياً.
وكان أشد الناس حياء، وأكثرهم
عن العورات إغضاءاً لا يشافه أحداً بما يكره، فلم يكن فاحشاً ولا متفحشاً ولا
صخّاباً بالأسواق ولا عياباً، ولا يجزى بالسيئة سيئة بل يعفو ويصفح.
وكان حسن العشرة، كامل الأدب،
واسع الخلق، دائم البِشْر، لين الجانب، رؤوفاً رحيماً، يكرم كريم كل قوم ويوليه
عليهم، ويحذر الناس ويحترس منهم، من غير أن يطوى عن أحد بشره، يتواضع في غير منقصة،
ويتفقد أصحابه، ويعطي كل جلسائه نصيبـه، لا يحسب جليسه أن أحداً أكرم عليه منه. من
جالسه أو فاوضه في حاجة صابره حتى يكون هو المنصرف عنه، ومن سأله حاجة لم يرده إلا
بها أو بميسور من القول. قد وسع الناس خلقه فصار لهم أبا، وصاروا عنده في الحق
سواء.
وكان إذا أتى إلى مجلس جلس حيث
ينتهي به المجلس،أي في أقرب مكان يصادفه، صلى الله عليه وسلم وعظم وكرم.
وكان يجيب من دعاه ولو عبداً
أو أمة ، ويقبل الهدية ولو كانت كراعاً ويكافئ عليها.
وكان يخالط أصحابه ويحادثهم ،
ويعود مرضاهم ، ويمازحهم أحياناً ولا يقول إلا حقا.
وكان من خلقه الوفاء وحسن
العهد والعدل والأمانة والعفة والصدق والمروءة.
وكان في أعظم حالات الوقار
والتؤدة وحسن السمت.